25 عاماً مع الرئيس ميقاتي

بقلم// فارس الجميل

كتب المستشار الإعلامي للرئيس نجيب ميقاتي الزميل فارس الجميل على صفحته – فيسبوك التالي:

محطة وفاء

7 كانون الاول 1998 تاريخ لا يمحى في سجل حياتي.حضر الى وزارة الاشغال العامة والنقل، حيث كنت مندوبا للوكالة الوطنية للاعلام لسنوات طويلة، وزير جديد طويل القامة، مبتسم وودود، فكان لقاء تعارف، انهيته باللازمة التقليدية لدى لقائي بأي وزير جديد يتسلم مهام الوزارة” معالي الوزير انا من عائلة ليست محبوبة هذه الايام من “أهل الخط”، فاذا كنت غير راغب بالتعاون معي اعود فورا الى وزارتي من دون أي حرج”.

إبتسم وقال لي “أكمل عملك”، وكان على ما يبدو قد تلقى اتصالا تمهيديا من صديق العمر الاستاذ رفيق شلالا.
أمضى “الوزير نجيب ميقاتي”فترة وجيزة يكرر فيها السؤال يوميا على مدير الادارة المشتركة يومها المرحوم شوقي زيادة: ليش فارس صوتو عالي وبيضل يعيّط ويصرّخ عالناس؟ فيضحك المرحوم شوقي ويجيبه” فارس عطول هيك وهلق بزيادة عم يشحط المتعهدين اللي بيعرفن بدن”يلعبوا” وبيقلن هيدا الوزير آدمي فلوا من هون”.

لم يطل الوقت حتى دعاني الوزير الى دارته في فردان ليعرّفني الى عائلته. فالتقيت في المرة الاولى المرحومة والدته السيدة سعاد التي رحبت بي بابتسامة عريضة وكلمات تشجيع ، ثم كرت السبحة مع العائلة، الشقيق الاكبر الاستاذ طه اولا ورفيقة العمر الست مي ، وجميع افراد العائلة كبارا وصغارا…

خمسة وعشرون عاما لم أشعر خلالها الا بأنني فرد أساسي من العائلة، افرح لفرحها واتشاطر حزنها والعكس صحيح.
غمرني دولته وعائلته بعاطفة ومحبة لا توصف، وشكلت هذه المحبة درع الامان الاساسي الذي حماني من غدرات الوصوليين والحسودين والمتملقين والطامعين وكل اصحاب الاوصاف المشابهة، وهم باتوا اليوم في عالم النسيان او على “جوانب الطريق”، مع فارق اساسي أنني صرت اشفق عليهم ليس أكثر. والمحطة الاهم في كل ما حصل على درب الاعوام الخمسة والعشرين ، وقوف دولته والاستاذ طه، وقفة الاخوة الاصيلين في وجه محاولة الموجّه المحلي ل”أهل الخط”يومها لابعادي عنهما وعن عائلتهما. وقد ردا على هذه المحاولة بالطلب الي أن اداوم لفترة في مكتبهما الخاص وفي منزلهما.

على مدى خمسة وعشرين عاما، قمت بعملي بكل اخلاص ووفاء ومهنية والاهم بذهنية الابن الذي يخاف على ابيه والاخ الذي يخاف على شقيقه الاكبر.

واجهت وساواجه بشراسة وحدة، ولكن باحترام، كل من تطاول على دولته وعائلته، شارحا بوضوح كل ما يجب قوله، لمن يريد ان يفهم ويستوعب. اما اصحاب السنة السوء والحملات الساقطة، ومعظمهم اعرفهم شخصيا تمام المعرفة، فلا جدوى من الحديث معهم. واقول بكل ضمير وقناعة لولا وجود الرئيس ميقاتي في المراحل الاساسية من عمر الوطن، ومنها هذه المرحلة المفصلية، لكان الوضع اسوأ بكثير.

سؤال واحد يردده البعض علي، إما عن حسن نية او بهدف الاساءة، يزعجني جدا وغالبا ما تكون اجابتي للسائل شرسة وعنيفة الى درجة أنه يلعن الساعة التي طرح فيها السؤال.وهذا السؤال المزعج يتمحور حول فكرة واحدة” كيف انت الماروني عشت هالعمر مع شخص مسلم”.

جوابي على كل هؤلاء هو التالي: انا افتخر بلبنانيتي اولا وبمارونيتي ثانيا، بمقدار ما افتخر أنني امضيت العمر مع عائلة لبنانية اصيلة مؤمنة جدا من دون تعصّب وتتعاطى مع الشريك الاخر في الوطن بمنطق المحبة والاحترام والاعتراف بخصوصيات الاخر. وكل افراد العائلة يحترمون ايماني ومواظبتي اليومية على الصلاة. كما أن اداء دولته العام وتعاطيه وعائلته داخل مؤسساتهم الخاصة يثبت بشكل قاطع أنهم خير مثال للوطنية الصافية ولاحترام الاخر والاعتراف بخصوصياته.

دولة الرئيس

نبدأ اليوم فصلا جديدا من رحلة العمر وكل أملي أن يمدّك الله بالقوة والصبر لتواصل العمل على انقاذ الوطن مما يتخبط فيه.

سنبقى معا طالما الله يجود بالحياة.

تاريخ اليوم فضّي بلون المحبة والوفاء. وكل يوبيل وانت بخير

وفقك الله